المرجعية تمثّلها قناعة وتطبيقاً.
الأصل في أي مرجعية أن المؤمن بها يتمثلها في أموره وأحواله، ويسير وفقها في شؤونه وقضاياه كلها؛ذلك أنها عبارة عن فكرة جوهرية تشكل أساسا لكل الأفكار بل والممارسات في أي خطاب أو مذهب،وعلة ذلك أنه لا يمكن أن تكون هناك رؤية أو اتجاه بدون مرجعية تُرد إليها الفروع والجزئيات، وما هو أعلى منها،وتعتبر الركيزة النهائية الثابتة في المذاهب والاتجاهات،و تصبح مفهوما مركزيا ظاهرا أو مضمرا،لها تأثير شعوري مدرك في بعض الأحيان،وتأثير كامن مضمر متحكم في كثير من الأحيان ،وإن كان بعض الباحثين يرى أنه تحكم شامل جبري وحتمي في كل الأحوال ، يبد أن المتأمل في سلوكيات البشر يجد أن ذلك لا يتحقق دائماً بهذا الشكل الشامل الدقيق، وذلك لوجود أسباب تمنع أو تقلل من تمثل هذه المرجعية الظاهرة أو الكمونية،ومن تلك الأسباب:
1- الضعف البشري، الذي يكون من ثمراته الفتور والتهاون، والشك والتردد والملل.
2- الصراع بين الإيجابية والسلبية في ذات الإنسان، فالإيجابية تجعله في حالة اقتناع قوي بالمرجعية وتمثل لها وإرادة وإقدام وفاعلية، في حين أن السلبية تجعله في حالة انكماش وإحجام وربما اضطراب وتخاذل.
3- النزاع بين الفردية والجماعية في ذات الإنسان، فالمرجعية طبيعتها كلية شمولية ذات هيمنة جماعية، والإنسان فيه نزعة جماعية بها يشارك الآخرين ويشترك معهم في أصل الهوية والمرجعية ومقتضياتها، وقد يصل به الحال إلى التضحية والفداء من أجل ذلك، وفي المقابل هناك نزعة فردية تحصره في حدود كيانه ورغباته الذاتية وأشواقه الخاصة وتطلعاته الذاتية فينحسر مفهوم (الهوية الجماعية) قليلاً وبالتالي ينحسر الاهتمام بالمرجعية، ثم إذا توسعت النزعة الفردية حتى تصل إلى ذروة الأنانية المفرطة قد يتخلى كلياً عن الهوية والمرجعية، أوفي أحسن الأحوال لا يلقى لها بالاً.
4– غلبة الالتزام أو التحرر.
المرجعية ومقتضياتها الكلية تتطلب الالتزام والتفنيذ، وفي الإنسان ميل طبيعي لأن يلتزم بأمور معينة وينفذها، وهذا أمر فطري في النفوس، لأن الفوضى ليست جزءاً من خلقة الإنسان وإنما يكتسبها.