مقال عن مركز مسبار وعلاقته المريبة.. بعنوان

مركز “المسبار”.. العين البحثية للاستخبارات الإماراتية

مدونة الجزيرة العربية
الاثنين، 16 فبراير، 2015
, كانون اﻷول (ديسمبر) 17, 2014 –

الجمهور – متابعات

لا تقتصر الحروب التي تخوضها الامارات على العسكرية والسياسية أو إعلامية فقط، فهناك حرب المعلومات والأفكار التي تديرها وتروج لها مراكز تعمل تحت غطاء الابحاث والدراسات وتتلقى دعماً سخياً من قبل الاستخبارات الاماراتية.

وقد تجاوزت بعض المراكز التي تمولها الامارات في طرح المعلومات ورسم المستقبل في ضوء معطيات صحيحة وموثوقة إلى محاولة تمهيد الطريق أمام الرأي العام وتسويق سياسات محددة للقبول بأي إجراءات تتخذها ابو ظبي وتحديدا ولي عهدها محمد بن زايد.

مركز “المسبار” مثلا، هو احد المراكز التي تمولها استخبارات ابو ظبي، والذي لفت أنظار الخليجيين بشكل أكبر، لا سيما المهتمين منهم بالشأن الفكري والسياسي، لجِدّة وجرأة ما يطرح، مما لم تعتد عليه الساحة الخليجية.

المركز كما يعرف عن نفسه هو: “مركز مستقل متخصص في دراسة الحركات الإسلامية والظاهرة الثقافية عموما، ببعديها الفكري والاجتماعي السياسي”.

يبدي المركز كما يقول “اهتماماً خاصاً بالحركات الإسلامية المعاصرة، فكراً وممارسةً، رموزاً وأفكاراً، كما يهتم بدراسة الحركات ذات الطابع التاريخي”.

الناظر في عناوين وأبحاث المركز يجد أنها التفتت إلى جانب مهم تفتقر إليه المنطقة العربية والخليجية، وهو رصد ومتابعة الظاهرة الإسلامية (حركات، مؤسسات، أفراد، تيارات،…)، وهذه نقطة تحسب للمركز خاصة وأن الظاهرة الإسلامية تلعب دوراً رئيساً في المتغيرات على الساحة السياسة والفكرية الثقافية.

غير أن إنتاجه ودراساته عن حركات الإسلام السياسي ومؤسساته المختلفة تتسم بشيء من السطحية وافتتقار العمق رغم جاذبية عناوينها، بل تكاد تكون في كثير منها تقارير إعلامية مبنية على معلومات تم ترويجها في وسائل الإعلام الاماراتية والسعودية أكثر منها معلومات استقصائية تمت من خلال طرق علمية سليمة.

كما أن هذه الدراسات تخذ موقفا عدائيا من “الإسلاميين الحركيين” بكل أطيافهم، محاولة بذلك ترسيخ صورة ذهنية لدى القارئ أن الحركات الإسلامية إما متطرفة أو تصنع متطرفين، بدل أن تقدم نظرة نقدية متوازنة تحاول استيعابهم كمكون رئيس من مكونات المجتمع.

يُظهر ذلك -أيضاً- تبني المركز إنتاج برنامج “صناعة الموت” الذي يبث على قناة العربية، وهو برنامج يهدف إلى تسليط الضوء على جماعات العنف السني بشكل أساسي وإرسال رسائل إعلامية للمشاهد الخليجي تربط بين الجماعات الإسلامية بكافة أطيافها والعنف والتطرف.

عناوين إصدارات المركز براقة وجذابة غير أن القارئ لمحتوياتها لا يلبث أن يجد كلاماً إنشائياً غير مدعم بالمصادر والأدلة كما هي طريقة مراكز الأبحاث العلمية.

وتشير هيكلة المركز (هيئة تحرير، رئيس تحرير، نائب رئيس تحرير،…) إلى أن هذه المؤسسة تعتمد على الطريقة والمنهجية الإعلامية أكثر من اعتمادها على المنهجية العلمية الرصينة.

وإذا نظرنا إلى القائمين على المركز وهيئته التحريرية وبعض الباحثين المشاركين فيه، فإننا نجد على رأس القائمة الإعلامي السعودي تركي الدخيل – رئيس ومالك المركز- وهو إعلامي مقرب من ولي عهد ابو ظبي وله حضوره في المشهد الخليجي، كما عرف عنه أنه “صحوي” سابق، وهو المصطلح الذي تطلقه بعض وسائل الإعلام على المتدينين السعوديين الذين كان لهم نشاط ديني معين في فترة الثمانينات والتسعينات.

وقد صرح تركي الدخيل لقناة “صانعو القرار” هذا الشهر بقربه من ولي عهد أبو ظبي واستشارته له في بعض المواضيع.

تحول الدخيل عن “صحويته” وسلك طريقاً أكثر انفتاحاً يسميه بعضهم “ليبرالياً”، غير أن كثيراً من كتاباته ينتقد بل يتخذ موقفاً عدائياً من الإسلاميين والظاهرة الإسلامية عموماً.

أما رئيس هيئة تحرير المركز منصور النقيدان فكان أيضاً “صحوياً متشدداً”، حيث قام بحرق أحد محلات الفيديو في مدينة بريدة بالمملكة العربية الأمر الذي تسبب بسجنه، ليقوم بعدها بمراجعات فكرية ذاتية أدت إلى تحوله عن الفكر الإسلامي، بل مهاجمته بدعوى نبذ التطرف والعنف.

أما نائب رئيس التحرير عمر البشير الترابي، القادم من مجلة الاتحاد الطلابية بجامعة الشارقة، فلم تعرف عنه كتابات علمية وبحثية كثيرة غير أن أبرز ما كتبه كبحث علمي كان ورقة بعنوان “الإسلام السياسي في الخليج.. خطاب الأزمات والثورات” ضمن كتاب “الإخوان المسلمون في الخليج” بالإضافة إلى مقالاته المتعددة حول انتقاد الإسلاميين في السودان وتجريمهم.

ممن يقوم على المركز أيضاً عبدالله بن بجاد العتيبي، وهو أحد مستشاري المركز وأحد الكتاب في إصداراته المختلفة.

والعتيبي أيضاً من “زمرة” الصحويين السابقين كالدخيل والنقيدان والذين تبنوا آراءً متشددة ثم عدلوا عنها إلى النقيض، وكان قد رفض إكمال الدراسة الثانوية بحجة حرمتها.

وهو لا يتورع عن مهاجمة كل ما هو إسلامي في مقالاته وأبحاثه.

هذه القائمة من المسؤولين عن المركز توحي بتوجهاته وتوجيه أبحاثه وفق ما يجمعهم من عداء للاسلاميين وللظاهرة الإسلامية عموماً.

لا يعني هذا أن كل كتاب المركز والباحثين العاملين فيه يتبنون نفس الرؤية، بل هناك باحثون وإعلاميون عديدون يكتبون في إصدارات المركز ويساهمون في أنشطته المختلفة وهم على قدر كبير من العلمية والنزاهة، غير أنه كثيراً ما يتم دس أبحاث ومقالات موجهة في ثنايا أبحاثٍ ومقالات رصينة على طريقة دس السم في العسل.

يضاف إلى ذلك علاقة المركز ببعض الكتاب الغربيين مثل الأكاديمي والكاتب البريطاني لورينزو فيدينو، والذي كشف موقع “ميدل إيست آي” عن علاقة وثيقة تجمع بينه وبين المركز.

وكان فيدينو صرح لصحيفة التيلغراف عن نتائج تحقيقات الحكومة البريطانية حول الاتهامات الموجهة للإخوان المسلمين في بريطانيا، وتبين فيما بعد أنه لم يكن عضواً في لجنة التحقيقات كما أشارت التليغراف، كما لم تكن له أي علاقة بتلك اللجنة.

فيدينو كتب عدة أبحاث للمركز من ضمنها، “الإخوان المسلمون الجدد في الغرب”، الأمر الذي يضع علامات استفهام حول جمع المركز لمعلومات عن الحركات والمنظمات والشخصيات الإسلامية وإعطاءها للحكومة البريطانية أو تسريبها للصحافة الغربية عموماً للضغط على حكوماتها.

كما ينسب إلى المركز إعداد ملف عن “دعاة الإصلاح” الإماراتيين قبل اعتقالهم، اتهمت الحكومة الإماراتية على إثره “دعوة الإصلاح”، وقامت باعتقال قادتها رغم نفيهم التهم الموجهة إليهم.

وفي هذا الصدد، يشير أستاذ الإعلام السياسي سابقاً في جامعة الملك سعود محمد الحضيف في تغريدات له على تويتر أن المركز يقوم بدور استخباراتي، ويضيف الحضيف “أن أغلب نشاط المسبار التجسسي ضد السعودية، يتمثل في مراقبة شخصيات ومؤسسات ذات توجه سلفي باسم محاربة الوهابية”.

وتتحدث معلومات مؤكدة عن دور المركز في رفد مؤسسات أمريكية مثل الكونجرس والخارجية حول شخصيات ومؤسسات إسلامية وتصنيفها والأفكار التي تحملها.

ومن ضمن الشخصيات التي لها علاقة بالمركز ويعد ممثلاً له في أمريكا الكاتب “جوزيف براودي”، وهو باحث أمريكي يهودي عراقي الأصل.

ويقول الناشط والمدون فؤاد الفرحان ان براودي كان في الرياض وكتب تقريراً عن تصنيف السعودية للإخوان المسلمين كجماعة إرهابية، كما أن أحد مهام وأعمال براودي هو العمل كممثل لمركز المسبار في أمريكا، وهو صديق مقرب من تركي الدخيل وباقي فريق المسبار البحثي واستضيف في إضاءات.

ويضيف الفرحان على حسابه في تويتر أن براودي يصف نفسه كصديق للعالم العربي، وهو يكتب في صحيفة الشرق الأوسط ومجلة المجلة كذلك، كما أنه ضد الربيع العربي تماماً.

في المقابل، يرى براودي أن تركي الدخيل هو “لاري كنج” العرب، وهو يقدم عديد الدورات في مركز دربة للتدريب التابع لتركي الدخيل أيضاً.

كما أنه مقرب من المناصرين الأمريكيين لليكود الإسرائيلي، بحسب الفرحان.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى