شذرات عن الصراع في تركيا اليوم
وجه فتح الله كولن من مقر إقامته الدائم في أمريكا جماعته في تركيا بتوجيه ضربات خاطفة و قاسية لأردوغان وحزبه.إثر مواقفه من المدارس الخاصة التابعة لجماعة كولن.والتي تشبه (الجيتو) المغلق.
تمت الحملة بتنسيق مع الأحزاب العلمانية سياسيا واعلاميا.وبتأييد امريكي اسرائيلي و دعم من دولة خليجية..هذا ما يتادوله مراقبون في الساحة التركية.
أسفرت الحملة عن اعتقالات شنتها الشرطة شملت رئيس بلدية الفاتح.وأبناء وزراء من حزب العدالة بتهم الفساد..في الوقت الذي أُوعز فيه لنائبين في حزب العدالة بتقديم استقالتهما من قائمة الحزب في البرلمان.
أعقب ذلك اتخاذ اردوغان -المتحسّب لضربات كولن وحزبه -اجراءات نقل لقيادات في الشرطة والتي يقال بأن حزب كولن يهيمن عليها وعلى منافذ الجوازات إضافة إلى وجود اتباع له في الادعاء العام والقضاء.
وعلى إثر ذلك هددت جماعة كولن (الخدمة)كما يسمون أنفسهم بالسعي دوليا لتصنيف هيئة الإغاثة التركية(IHH ) كمنظمة ارهابية واستصدار حكم قضائي لدخول الهيئة وتفتيشها وإخضاعها للتحقيق..وكانت جماعة كولن قد وقفت صراحة ضد تسيير قوافل هيئة الإغاثة لفك الحصار عن غزة.
وموقفها المعارض لتسيير سفينة مرمرة لغزة وما تبع ذلك من اقتحام الصهاينة لسفينة مرمرة وقتل عدد من المدنيين على متنها. الأمر الذي حمّلت فيه جماعة كولن مسؤولية ما حدث على حكومة اردوغان وليس على دولة الكيان الصهيوني ..ويشير بعض المراقبين أن جماعة كولن لها سجّل في محاولة كسب اسرائيل والغرب لصفها من مدة طويلة ويدلّلّ بعضهم على ذلك بشواهد عديدة منها ظهور فتح الله كولن على الشاشات وهو يبكي بعد قصف صدام حسين لتل أبيب بصواريخ سكود..وهو الأمر الذي ينفيه بعض أتباع كولن.ويفسره آخرون -لا يستطيعون نفي ماهو موجود في النت – بتفسيرات مختلفة.
و يشير متابعون على الساحة التركية إلى أن هذه الجماعة تنتسب في الأصل إلى الشيخ سعيد النورسي..وتعتبر إحدى فصائل النورسيين.وتهتم بالتركيز على التعليم والاقتصاد والتغلغل الناعم في مؤسسات الدولة وممارسة السياسة والنفوذ وكسب المؤيدين وعقد تحالفات وتوجيه الاتباع في الانتخابات..في الوقت الذي ينفون فيه وبشدة القيام بعمل سياسي أو إنشاء حزب سياسي..وهو أمر يعد من طلاسم هذه الجماعة التي يتمتع قادتها بقدرة عجيبة على البكاء برقّة في اللقاءات مع ممارسة أشد أنواع القسوة مع مخالفيهم من الصوفيين الآخرين من النورسيين والنقشبنديين .وبطبيعة الحال مع الاسلاميين الحركيين..أو ما يسمونه -تبعا للغرب-بالإسلام السياسي الذي قد يعتبرونه عدوا لدودا ومن فترة طويلة..وفتح الله كولن منذ حقبة الثمانينات والتسعينات له مواقف معروفة ضد هذا الاتجاه .ولعل ومن أشهرها وقوفه مع بولند أجاويد ذي التوجه اليساري المعادي بشدة للحجاب والمظاهر الاسلامية..وانحيازه له في الانتخابات مقابل نجم الدين اربيكان..الذي كان قد بدأ نشاطه السياسي منذ 1970 وقد أبدى خلال مسيرته السياسية مواقف تعتبر من المُتَخفظ عليها عند كولن وجماعته.كتأييد اربيكان علنا للشعب الفلسطيني ومعادته لإسرائيل ونجاحه في حجب الثقة عن وزير الخارجية خير الدين أركمان بسبب سياسته المؤيدة لإسرائيل..وكذلك تقدم أربيكان بمشروع قرار للبرلمان بتحريم الماسونية في تركيا واغلاق محافلها وغير ذلك من القرارات المتعلقة بالقيم والهوية والعلاقات العربية والاسلامية.
و في هذا الصدد يتسأل البعض عن سر انسجام بعض رموزجماعة كولن الاعلاميين مع الثورة المضادة للربيع العربي.. وسر علاقة رموز منهم معروفين بحكومة الامارات العربية رغم ما يُتداول من مواقف معادية لجنس العرب في بعض أدبيات الجماعة.
السجال بين جماعة فتح الله كولن وحزب العدالة ما يزال مستمرا..وربما يتزايد في الايام القادمة كلما اقتربت الانتخابات..وهناك من يرى أن الجميع وصلوا لمراحل كسر العظام..وليس هناك طريق للعودة للتحالف الهشّ الذي كان أشبه بالهدنة في الفترة السابقة..والذي ظهرت هشاشته بمشاركة بعض جماعة كولن في (مظاهرات تقسيم )أول الأمر ثم انسحابهم بعد ذلك .حسب ما ذكره مراقبون.
فهل صلابة أردوغان وشجاعته الذي يُشبّه بالسلطان سليم ياووز (القاطع) قادرة على مغالبة أحصنة طروادة ذات الدموع الساخنة والأنياب الحديدية كما تقول الأهجوزة التركية ؟
ربما الأيام القادمة القريبةفيها إجابات.
المصدر: صفحة سعيد بن ناصر الغامدي على الفيس بوك