مرحلة الاحتلال البريطاني والتأثير الفكري والسياسي
مرحلة الاحتلال البريطاني الذي بدأ باحتلال مصر في عام 1299ه/ 1882م:حيث استلم الانجليز قيادة التأثير الفكري والسياسي بدلا من الفرنسيين, وواصلوا تنفيذ المخطط مع زيادات أخر أجادها الإنجليز أكثر من أسلافهم, واستفادوا من الأرضية السابقة التي هيأت لهم من قبل الفرنسيين ومحمد علي وأبنائه.
وجاءوا على مصر أولا, ومصر نافذة التأثير على غيرها من بلدان المسلمين في ذلك الزمان وحتى الآن.
وسعى المعتمد البريطاني( )في تثبيت دعائم الحضارة المسيحية – حسب قوله – إلى أقصى حد ممكن, وعين قسيسا حاذقا في الألاعيب وراسخا في الحقد على الإسلام, عينه مستشارا لوزارة المعارف( ), وكان في يده السلطة الفعلية الكاملة في وزارة المعارف ونفذ مخططا واسع الأرجاء لإبعاد أبناء المسلمين عن دينهم, وتزهيدهم في العلوم الشرعية, وتشجيعهم على تلقي المذاهب والفلسفات الفكرية القادمة من وراء البحار, وقضى بخطته على قوة الأزهر والمدارس الشرعية والدراسات العربية, وأخرج جيلاجديدا يمثل طبقة جديدة من المجتمع, عن طريقها يتحرك المستعمر في كل المجالات الثقافيةوالفنية والأدبية والسياسية والتربوية والاجتماعية, وبواسطتها يتم تنفيذ الأدوار المطلوبة المرسومة, وتناسلت هذه الطبقة وتكاثرت حتى أصبحت هي المتنفذة في الأمور العامة.
وبالمخطط الصليبي الذي رسمه مستشار وزارة المعارف خرجت أجيال لا ترى النور والخير إلا فيما عند الغرب,ولا ترى الشر والضر إلى فيما جاء به الإسلام, وهكذا أطبقت الصدمة على أعناق الأجيال التي أصبحت بعد ذلك تتجه نحو الغرب بطواعية وبشغف, وتتلقى عنه المفاهيم والعقائد والممارسات ثم تعود لغرسها وتثبيتها في واقع الأمة المسلمة, من خلال التعليم والإعلام ودور النشر, والمجامع الثقافية, والمدارس الأدبية, والصحف والمجلات والأندية والفن الذي أصبح يساوي العفن والانحراف الرذيلة, ولم يقتصر هذا التأثير على مصر, وإن كانت هي وتركيا – آنذاك – أوفر البلدان الإسلامية نصيبا من الهجوم والمحاربة والغزو, ولكن الأمر كان أوسع من ذلك وأبشع, وذلك في المرحلة اللاحقة, وإن كانت الآن بدأت بوادر العودة إلى هوية الأمة بعد أن انقرض جيل الصدمة.