تعريف السنة:
هي الطريقة المتبعة في معاملة الله تعالى للبشر بناء على سلوكهم وأفعالهم وموقفهم من شرع الله وأنبائه وما يترتب على ذلك من نتائج في الدنيا والآخرة.
قال ابن تيمية: (السنة هي العادة التي تتضمن أن يُفعل في الثاني مثل ما فعل بنظيره الأول، ولهذا أمر الله تعالى بالاعتبار).
وقال: (… إن الله أخبر أن سنته لن تبدل ولن تتحول وسنته عادته التي يسوي فيها بين الشيء وبين نظيره الماضي).
وابن كثير في تفسير آية الأنفال: {وَإِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ} قال: (أي فقد مضت سنتنا في الأولين أنهم إذا كذبوا واستمروا على عنادهم أنا نعاجلهم بالعذاب والعقوبة) 3/ 316.
وقال في تفسير آية الإسراء: (سنة من قد أرسلنا من رسلنا، أي: هكذا عادتنا في الذين كفروا يرسلنا وآذوهم بخروج الرسول من بين أظهرهم يأتيهم العذاب…) 4/ 332.
قال سيد 3/ 1201: (… شهد السنة الدقيقة التي تتوالى مقدماتها ونتائجها في نظام محكم ولكنه فطري ميسر، وشهد المشيئة القادرة من وراء السنة الجارية تدفع بالسنة لتعمل وهي من ورائها محيطة طليقة ومشهد الناس والأحداث وهم في نطاق النواميس وهي في هذا النطاق أيضاً).
وقال في 3/ 1336: ({وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ. ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوا وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لاَيَشْعُرُونَ. وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}..
إن السياق القرآني هنا لا يروي حادثة، إنما يكشف عن سنة، ولا يعرض سيرة قوم إنما يعلن عن خطوات قدر.. ومن ثَمَّ يتكشف أن هناك ناموساً تجري عليه الأمور؛ وتتم وفقه الأحداث؛ ويتحرك به تاريخ ((الإنسان)) في هذه الأرض، وأن الرسالة ذاتها – على عظم قدرها – هي وسيلة من وسيلة من وسائل تحقيق الناموس – وهو أكبر من الرسالة وأشمل – وأن الأمور لا تمضي جزافاً؛ وأن الإنسان لا يقوم وحده في هذه الأرض – كما يزعم الملحدون بالله في هذا الزمان! – وأن كل ما يقع في هذا الكون إنما يقع عن تدبير، ويصدر عن حكمة، ويتجه إلى غاية، وأن هنالك في النهاية سنة ماضية وفق المشيئة الطليقة؛ التي وضعت السنة، وارتضت الناموس.
ووفقاً لسنة الله الجارية، وفق مشيئته الطليقة كان من أمر تلك القرى ما كان، مما حكاه السياق، ويكون من أمر غيرها ما يكون!).