العبرة الثالثة مما حصل للشثري

المتأمل في الحملة المنسقة التي شنها التيار العلماني الليبرالي ضد الشيخ سعد الشثري، يمكنه الخروج بنتائج عديدة مهمة في شأن الفكر والمجتمع السعودي، والمستقبل المتوقع لهذا المجتمع ومكوناته الأساسية.
ومن المناسب التذكير بأمور مهمة في هذا السياق من خلال النظر فيما أفرزته الحملة من نتائج:

الأمر الثالث :

أن البلاد مرت بتجارب من هذا القبيل،

ولعل أبرز ذلك يتمثل في تجربتين :
الأولى: التجربة المشار إليها سابقاً حينما كانت الناصرية والاشتراكية هي (موضة) التقدم آنذاك، والإسلام والشريعة هي شعار التخلف والمحافظة الرجعية والظلامية، وقد تم تجاوز هذه التجربة بإرادة قوية أعادت القطار إلى مساره، بعد أن غفل سائقه وأضر به من حوله ضرراً بالغاً،على ما في شخصيته من خير وطيبة قلب وصفاء نية، كما يوصف، ويمكن قراءة هذه التجربة بشكل جلي في رواية قلب من بنقلان.
الثانية: التجربة الحداثية التي اكتسح أصحابها معظم المواقع الإعلامية والأندية الأدبية، وحصل التصدي لهذه التجربة بوصفها متناقضة مع أسس مشروعية الدولة والمجتمع، وشارك في التصدي لها شخصيات مهمة، ليس أولهم الشيخ ابن باز -رحمه الله- ولا آخرهم أمير عسير آنذاك الذي قام بنسخ وتوزيع مادة إعلامية تكشف الحداثة المحلية بحقائق ووثائق كما زعم معدها، ومادة أخرى ثقافية تخدم الغرض نفسه بميزان اختاره معد هذه المادة.
المهم في الأمر أن هذه التجربة -في جوهرها- كانت صراعاً حول أسس مشروعية الدولة والمجتمع، بشكل علني أو ضمني، وهو الأمر الذي أدّى إلى انحياز نسبي ضد التجربة الحداثية التي كانت آنذاك تستجن بالأدب والنقد والفن؛ لأن الأجواء الاجتماعية والرسمية غير قابلة لإعلان صريح عن انتماء علماني أو ليبرالي صريح، كما هو حادث هذه الأيام حيث تعلن التجربة الثالثة عن نفسها بقوة وبلا مواربة، بل إلى حد الاجتراء على الجهر بالاستقواء الخارجي (الغربي بالطبع)، وعدم التردد في فتح علاقات سرية أو علنية مع السفارات الأجنبية المهتمة بتغيير البنية الداخلية للبلاد، فضلاً عن المجاهرة بأفكار خطيرة، والنيل من شخصيات مهمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى